اختلاف من دون خلاف

لا تخلو أية علاقة أسرية من الاختلافات بين أفرادها. لكن يجب ألا تؤدي هذه الاختلافات إلى حدوث خلافات. فيرجينيا ساتير، الأم الروحية للعلاج الأسري في العالم، تقول إن الخلاف الذي يحدث بين الأفراد عادة لا يكون بسبب الاختلاف بل بسبب رد الفعل.

للتعامل بشكل صحيح يحتاج الأزواج وأفراد الأسرة الواحدة إلى فهم أن الاختلافات بينهم شيء طبيعي لأنهم أشخاص متفردين؛ وبالتالي لهم تجارب حياتية وأفكار ووجهات نظر غير متطابقة. هذه الاختلافات هي التي تجعل الرحلة مثيرة والعلاقة فريدة من نوعها. ولذلك فإن التعامل مع الاختلافات يكون من خلال تطبيق معادلة مكونة من ثلاثة أجزاء وهي: "الذات" و"الآخر" و"السياق"، والتي قد تساعد كثيراً في تجاوز تلك المواقف الصعبة وبناء جسور التواصل.

يتعلق الجزء الأول من المعادلة "بالذات". وهذا مرتبط بالمشاعر والتصورات والسلوكيات الشخصية في أي موقف يظهر فيه اختلاف. هذا هو الجزء الوحيد الذي يستطيع الشخص السيطرة عليه بالكامل. عادة ما تحدث الخلافات نتيجة لكون الشخص في حالة رد فعل اندفاعي أو انفعالي حيث قد يجد نفسه ينسحب أو يلاحق الطرف الآخر. كلا الأسلوبين من الاندفاع أو الانسحاب قد يؤديان إلى التصعيد والمزيد من سوء الفهم والألم. لذا بدلاً من الصراخ أو الانتقاد أو العدوانية السلبية أو الصمت والتجاهل، فمن المهم ان يكون الشخص على دراية بما يحدث في داخله من مشاعر وأفكار وأن يعرف ماذا يحتاج في هذه اللحظات من الطرف الآخر، وأن يتذكر أنه لا يمكنه قراءة أفكاره.

بالنسبة للجزء الثاني من المعادلة الثلاثية فهو يتعلق "بالآخر". هذا هو الجزء الذي لا يستطيع الشخص التحكم فيه لأنه لا يمكن التحكم بردود أفعال أو تصورات أو عواطف الطرف الآخر. لذا فمن المهم افتراض حسن النية والتعبير عن هذا التصور الإيجابي للآخر. كما يجب الاستماع إليه بهدف الفهم وليس الرد. التعامل بهذا الأسلوب يجب أن يكون من دون أحكام مسبقة وتقبل فكرة أنه لا يوجد إنسان كامل وخالٍ من العيوب. من الضروري أيضاً أن يحاول الشخص إيجاد هدف مشترك بينه وبين الآخر.

بالنسبة للجزء الخاص "بالسياق" في المعادلة فيجب أن يسأل الشخص نفسه ما إذا كان الموضوع المختلف عليه يستحق أن يؤدي إلى توتر العلاقة أم أنه من الممكن التغافل أو التعامل بشيء من المرونة أو حتى المزاح. في حالات ما إذا كان الموضوع المختلف عليه مهماً ولا يحتمل التجاهل فيجب التركيز على المشكلة في اللحظة التالية لحدوثها من دون الرجوع إلى الماضي وإلى ذكريات أحداث متشابهة. كما يجب التحدث عن الموضوع بشكل خالي من الهجوم الشخصي او اللوم والنقد. فالتنقيب في الماضي وإثارة القضايا القديمة عند حدوث اختلاف يزيد الأمور سوءاً.

أخيراً في حال شعر الشخص بأنه مسؤول عن جزء ولو بسيط من المشكلة، فمن الشجاعة أن يقوم بالاعتذار حيث أن ثقافة الاعتذار ضرورية جداً لتوطيد العلاقات الأسرية.

 مرجع المدونة:مجلة سيدتي


أضف تعليق